أثار إعلان سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، في حدث الذكاء الاصطناعي الذي استضافته شركة VC Sequoia في وقت سابق من هذا الشهر، عن رؤيته المستقبلية لـ شات جي بي تي (ChatGPT) ليتذكر “حياتك كاملةً”. ففي سؤال من الحضور عن طرق تخصيص النموذج أكثر، قال ألتمان إنه يطمح إلى بناء “نموذج استدلالي صغير للغاية يمتلك تريليون من التوكنات (tokens) للسياق تضم كل ما مررت به في حياتك”.
وأضاف ألتمان أن هذا النموذج سيتذكر “كل محادثة أجريتها، وكل كتاب قرأته، وكل بريد إلكتروني استلمته، وكل صورة نظرت إليها” وربطها مع بياناتك من مصادر أخرى باستمرار، على أن يتوسع السياق مع كل لحظة جديدة في يومياتك. وأشار إلى أن الفكرة نفسها ستُطبّق على بيانات الشركات لدعم اتخاذ القرارات الداخلية بشكل آلي.
ولدى سؤاله عن استخدامات الشباب لـChatGPT، أكد ألتمان أن الطلبة في الجامعات باتوا يستعملونه “كنظام تشغيل” يحملون إليه الملفات ويربطونه بقواعد بيانات ثم يوجهون إليه أوامر معقدة. وأوضح أن جيل العشرينات والثلاثينات لا يتخذ “قرارات حياتية” قبل استشارته، على عكس جيل أكبر يميل إلى استخدامه كبديل عن محرك بحث مثل جوجل.
وتبدو هذه الإمكانات فاتحةً على عالم من أتمتة الحياة اليومية: تذكيرك بموعد تغيير زيت السيارة، وتنظيم السفر لحضور مناسبات، وطلب الهدايا من السجلات الإلكترونية، وحتى حجز طبعات الكتب القادمة تلقائيًا.
لكنها تثير في الوقت نفسه مخاوف جدية حول خصوصية المستخدم وثقة الجميع في شركة ربحية كبرى تجمع “كل شيء عنك”. فــ Google نفسها، التي بدأت بشعار “لا تكن شريرًا”، تعرضت لدعاوى عدّة تتهمها بالاحتكار وتضييق المنافسة. وعدة تقارير كشفت أنّ بعض نماذج الذكاء الاصطناعي قد تُبرمج لتفضيل اتجاهات سياسية أو دعائية، كما حدث مع Grok على منصة xAI التي ناقشت فجأة “الإبادة البيضاء” في جنوب أفريقيا استنادًا إلى تعليمات داخلية، في سلوك بدا مدفوعًا بتوجيهات مؤسسه إيلون ماسك.
ومن قبل، واجه ChatGPT انتقادات بعد أن بدا متملقًا بشكل مفرط في ردوده على أفكار قد تكون خطيرة، ما دفع ألتمان إلى التعجيل بإصلاح تعديل خاطئ في الكود. ومع أن أفضل النماذج تظل معرضة لـ”الاختلاق” أحيانًا، فإن امتلاك مساعد ذكي يُدّعي المعرفة الشاملة بوصفه “مستشارًا حياتيًا” يرفع الكثير من التساؤلات حول إمكانية إساءة استخدام هذه التقنية.
يبقى السؤال: هل يليق بنا أن نوثّق تفاصيل حياتنا كاملة في نموذج ذكاء اصطناعي تديره شركات كبرى تاريخها مليء بالتحديات الأخلاقية؟ وكيف سنوازن بين فوائد ChatGPT في تحسين جودة اتخاذ القرار اليومي وبين مخاطره على الخصوصية والحريات الفردية؟