في خطوة غير مسبوقة تعكس تصاعد المنافسة بسوق الذكاء الاصطناعي الصيني، أعلنت شركة بايدو، عملاق محركات البحث المعروف بـ”جوجل الصين”، عن فتح مصدر روبوت الدردشة القوي الخاص بها “Ernie” المعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي، اعتبارًا من يوم الإثنين الماضي.
تأتي هذه الخطوة الجريئة كإشارة واضحة على نية “بايدو” الدخول بقوة في سباق الذكاء الاصطناعي المفتوح المصدر، ومنافسة عمالقة مثل OpenAI و”أنثروبيك” عبر تحويل قدراتها التقنية إلى أداة متاحة للجميع، مما قد يؤدي إلى إشعال حرب أسعار جديدة في السوق الصيني والدولي.
وفقًا لتقرير نشره موقع SiliconANGLE، تهدف “بايدو” عبر هذه الخطوة إلى تقويض رسوم الترخيص الباهظة التي يفرضها المنافسون الغربيون، وتحويل النماذج اللغوية الكبيرة إلى منتجات مفتوحة المصدر، مما يوسع انتشارها ويزيد من اعتمادها لدى المطورين.
ويرى محللون أن هذه السياسة تمثل تغييرًا جذريًا لبايدو، التي ظلت لسنوات متمسكة بالنماذج مغلقة المصدر، قبل أن تقرر إتاحة الشيفرة المصدرية للنموذج الرئيسي “Ernie” بهدف بناء منظومة تطوير نابضة بالحياة حول تقنيتها.
لم يكن فتح مصدر Ernie الخطوة الوحيدة هذا العام؛ ففي فبراير، أعلنت “بايدو” عن إتاحة روبوت الدردشة Ernie مجانًا دون رسوم اشتراك شهري، في محاولة لجذب أكبر عدد ممكن من المستخدمين. وفي مارس، أطلقت الشركة نموذج Ernie 4.5 ونموذج الاستدلال X1 بأسعار تنافسية، قبل أن تصدم السوق بإصدار نسخ Turbo بأسعار مخفضة بنسبة وصلت إلى 80% مقارنة بالمنافسين.
يرى ليان جاي سو، كبير المحللين في مجموعة أومديا، أن قرار “بايدو” بمثابة مفاجأة كبيرة نظرًا لاعتمادها سابقًا على سياسة النماذج المغلقة. لكنه أضاف في تصريحات لشبكة CNBC: “المبتكرون مثل ديب سيك أثبتوا أن النماذج مفتوحة المصدر يمكنها أن تكون بنفس كفاءة وموثوقية النماذج مغلقة المصدر”.
في المقابل، تواجه “ديب سيك” صعوبات كبيرة، حيث ذكرت تقارير أنها اضطرت لتأجيل إطلاق نموذجها الجديد “R2” بسبب نقص وحدات معالجة الرسومات المتقدمة من شركة “إنفيديا”، نتيجة العقوبات الأميركية الأخيرة على صادرات الرقائق إلى الصين.
يبلغ عدد المستخدمين النشطين شهريًا لـ Ernie نحو 23 مليون مستخدم، أي أقل بكثير من روبوت الدردشة المنافس Duobao التابع لعملاق الإنترنت الصيني “بايت دانس”، الذي يجذب 83 مليون مستخدم شهريًا. أما على مستوى المطورين، فتبلغ حصة واجهات برمجة تطبيقات Ernie نحو 18% فقط، مقارنة بـ34% لمنافسه “ديب سيك”.
يُذكر أن سوق الذكاء الاصطناعي في الصين يشهد منافسة محتدمة بين شركات عملاقة مثل علي بابا وتينسنت وعدد من الشركات الناشئة، ما ينذر بموجة من الابتكارات والتحولات الجذرية في السوق.
ويرجح خبراء أن خطوة “بايدو” قد تزيد من الضغط على الشركات الأميركية العاملة في نفس المجال، رغم محدودية شهرة علامة “بايدو” التجارية خارج الصين.
وفي تأكيد على التهديد المتصاعد، كان سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، قد صرح في يناير أن شركته بحاجة لإعادة التفكير في استراتيجيتها تجاه المصادر المفتوحة، وأعلن لاحقًا عن خطة لإطلاق نموذج بأوزان مفتوحة قريبًا.
