الرئيسية أخبار الشركات ما الذي ستخسره سامسونج وفيتنام في حرب ترامب التجارية

ما الذي ستخسره سامسونج وفيتنام في حرب ترامب التجارية

0
سامسونج

عندما التقى “جاي واي لي” رئيس شركة سامسونج إلكترونيكس برئيس وزراء فيتنام في يوليو الماضي، كانت رسالته واضحة ومباشرة: “نجاح فيتنام هو نجاح سامسونج، وتطور فيتنام هو تطور سامسونج”، مؤكداً التزامه بالاستثمار طويل الأجل لجعل فيتنام المركز الرئيسي لإنتاج شاشات العرض الخاصة بالشركة عالميًا.

منذ دخول سامسونج إلى السوق الفيتنامي عام 1989، استثمرت الشركة الكورية الجنوبية مليارات الدولارات لتوسيع شبكة التصنيع خارج الصين. واستلهمت العديد من الشركات الأخرى خطى سامسونج، خصوصاً بعد فرض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب رسومًا جمركية على البضائع الصينية خلال ولايته الأولى.

أصبحت سامسونج اليوم أكبر مستثمر أجنبي ومصدر في فيتنام، حيث يتم تصنيع حوالي 60٪ من إجمالي الهواتف الذكية البالغ عددها 220 مليون وحدة سنويًا هناك، ويتم تصدير عدد كبير منها إلى الولايات المتحدة، السوق التي تحتل فيها سامسونج المرتبة الثانية بين بائعي الهواتف الذكية.

لكن الآن، يبدو أن هذا الاعتماد على فيتنام قد ينقلب على الشركة، حيث تسابق هانوي الزمن للتفاوض مع إدارة ترامب بهدف خفض الرسوم الجمركية الجديدة التي قد تصل إلى 46٪، وهو ما كشف عن هشاشة النموذج الاقتصادي القائم على التصدير في فيتنام.

ورغم حصول فيتنام وسامسونج على فترة راحة مؤقتة بعد أن أوقف ترامب تنفيذ الرسوم عند 10٪ لمدة 90 يومًا، فإن مصادر من داخل سامسونج ومورديها أكدت لرويترز في تقرير نشرته أن الشركة ستكون أول من يتلقى الضربة إذا تم تنفيذ الزيادة في يوليو المقبل.

وقال أحد مسؤولي سامسونج: “نحن نصنع معظم هواتفنا الذكية في فيتنام، ولكن نسبة الرسوم المفروضة كانت أعلى بكثير مما كنا نتوقع، مما أحدث ارتباكاً كبيرًا داخل الشركة”.

حتى في حال تم التوصل إلى اتفاق، فإن فائض التجارة الفيتنامية مع الولايات المتحدة – الذي يبلغ حوالي 120 مليار دولار – يبقي البلاد تحت مجهر إدارة ترامب التي تستهدف القضاء على العجز التجاري. وتسعى فيتنام لتقليص الرسوم إلى مستوى يتراوح بين 22% و28% أو أقل.

تخطيط بدائل الإنتاج

أربعة مصادر أفادت بأن سامسونج تدرس تعديل استراتيجيات التصنيع، من خلال تعزيز الإنتاج في الهند أو كوريا الجنوبية. إلا أن هذه الخطوة ستكون مكلفة وتستغرق وقتًا طويلاً، خاصة وأن سلسلة التوريد في الهند لا تزال غير جاهزة لتلبية كامل الطلب الأميركي.

وبينما ترفضت سامسونج التعليق المباشر على خططها المستقبلية، فقد أكدت سابقًا أنها ستتعامل “بمرونة” مع التهديدات الجمركية، بالاعتماد على شبكتها العالمية للإنتاج.

من جهة أخرى، تواجه شركة أبل الأميركية تحديًا أكبر على المدى القصير، حيث ارتفعت الرسوم الجمركية على وارداتها من الصين إلى 145%، بينما تستورد أبل حوالي 80٪ من أجهزة آيفون المباعة في السوق الأميركي من الصين.

فيتنام تفقد جاذبيتها الاستثمارية

تشكل هذه الرسوم ضربة جديدة لصورة فيتنام كمركز صناعي جذاب. فقد أدى تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الضغط على شبكة الكهرباء، ورفعت الحكومة معدل الضرائب الفعلي على الشركات الكبرى بما يتماشى مع معايير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، ما دفع بعض المستثمرين إلى التذمر من فقدان الامتيازات الضريبية السابقة دون تعويضات مناسبة.

كما أدى تنافس الشركات الأجنبية على اليد العاملة الماهرة إلى رفع الأجور، وهو ما أزعج العديد من الشركات الكورية الجنوبية في فيتنام، حيث وصف أحدهم الوضع بأنه “خطير للغاية”.

الهند المستفيد الأكبر؟

يرى خبراء اقتصاديون أن التوترات التجارية قد تدفع الاستثمارات بعيداً عن فيتنام لصالح الهند، حيث أكد تقرير لمجموعة نومورا أن “خسارة فيتنام قد تكون مكسباً للهند”. وقد بدأت نيودلهي بالفعل محادثات تجارية مع واشنطن، وسط طموحات لإتمام صفقة هذا العام.

من جانبها، حاولت فيتنام تهدئة الوضع عبر زيادة وارداتها من الولايات المتحدة، وكانت من أوائل الدول التي أعلنت بدء محادثات تجارية مع إدارة ترامب بعد تعليق الرسوم الانتقامية.

لكن القلق ما زال يخيم على المستثمرين، حيث قال “كو تاي يون”، رئيس غرفة التجارة الكورية في فيتنام، إن الشركات أصابها “الهلع” في البداية، وبدأ البعض في دراسة تقليص العمالة في مصانعهم المحلية. وأضاف: “الآن وبعد قرار ترامب بالتجميد المؤقت، أصبحت الشركات في وضعية الترقب والانتظار”.

ماذا بعد؟

رغم عدم اتخاذ قرار نهائي من قبل سامسونج بشأن كيفية التعامل مع الرسوم الجمركية على فيتنام، إلا أن هناك خياراً مطروحًا يتمثل في نقل إنتاج بعض الهواتف الموجهة للسوق الأميركي إلى مصنعها في مدينة “غومي” الكورية الجنوبية.

وفي الوقت نفسه، تفكر الشركة في زيادة الإنتاج في الهند، بشرط توسيع سلسلة التوريد هناك، حيث يمكن للهند حاليًا تغطية نحو 20% فقط من إنتاج سامسونج العالمي.

وتشير تقديرات مؤسسة BMI Research إلى أن المنتجات الإلكترونية تشكل حوالي 45٪ من صادرات فيتنام إلى الولايات المتحدة، لذا فإن انخفاض الطلب قد يدفع الشركات الكبرى إلى تقليص الإنتاج.

وإلى جانب الهواتف، تنتج سامسونج في فيتنام أجهزة تلفزيون، وأجهزة منزلية، وشاشات، وتبلغ قيمة صادراتها نحو 54 مليار دولار سنويًا – أي حوالي 15% من إجمالي صادرات فيتنام.

وفي ظل هذه الظروف، لا أحد يعلم الى أي مدى قد يذهب اليه الاقتصاد العالمي ولا أحد يستطيع ان يتوقع النتائج التي قد تنتج على الحرب التجارية التي أشعلها ترامب.

لا يوجد تعليقات

Exit mobile version